المؤمن يتواضع للمؤمنين ويتذلل لهم
بقلم / محمـــد الدكـــروري
المؤمن يتواضع للمؤمنين ويتذلل لهم
الحمد لله رب العالمين نحمد ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلن تجد له وليّا مرشدا والصلاة والسلام على من بعث رحمة للعالمين سيدنا محمد بن عبد الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا أما بعد أخي الكريم الحبيب كيف تتعامل مع جارك إذا لم يكن مسلما طائعا؟ فإذا كان جارك مسلما طائعا، فيجب عليك نحوه الحقوق السابقة كلها، فقال الإمام الذهبي في حق الجار، وإذا كان الجار صاحب كبيرة، فلا يخلو من إما أن يكون متسترا بها، ويغلق بابه عليه، فليعرض عنه ويتغافل عنه، وإن أمكن أن ينصحه في السر ويعظه، فحسن، وإن كان متظاهرا بفسقه مثل مكّاس وهو جابي الضرائب أو مراب، فتهجره هجرا جميلا.
وإن كان تاركا للصلاة في كثير من الأوقات، فمره بالمعروف، وإنهه عن المنكر مرة بعد مرة، وإلا فاهجره في الله، ولعله أن يرجع ويحصل له إنتفاع بالهجرة من غير أن تقطع عنه كلامك وسلامك وهديتك، فإن رأيته متمردا عاتيا بعيدا عن الخير، فأعرض عنه وإجتهد أن تتحول من جواره، فقد تقدم أن النبي صلى الله عليه وسلم تعوذ من جار السوء في دار الإقامة، فإن كان جارك ديوثا أو قليل الغيرة، أو حريمه على غير الطريق المستقيم فتحوّل عنه، أو فإجتهد ألا يؤذوا زوجتك فإن في ذلك فسادا كثيرا، وخاف على نفسك المسكينة ولا تدخل منزله واقطع الود بكل ممكن، فإن كان جارك رافضيّا أو صاحب بدعة كبيرة، فإن قدرت على تعليمه وهدايته، فإجتهد، وإن عجزت، فإنجمع عنه ولا تواده ولا تصافه.
ولا تكن له مصادقا ولا معاشرا، والتحول عنه أولى، فإن كان جارك يهوديا أو نصرانيا في الدار أو السوق أو البستان، فجاوره بالمعروف ولا تؤذه، فيجوز زيارته في مرضه، أما عند الموت فلا يعزى فيه لحديث الإمام على بن أبي طالب رضي الله عنه لما مات أبو طالب، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ” اذهب فواره” فلم يعزه، رواه أحمد وأبو داود والنسائي، فأما من جعل إجابة دعوتهم ديدنه، وعاشرهم وباسطهم، من ذلك زيارتهم في الأعياد وتهنئتهم بها، فلا يجوز لأن فيها إقرارا ضمنيا على ما أصاب دينهم من تحريف وأعيادهم كما لا يخفى فمن فعل ذلك فإن إيمانه يرق، وقد قال الله تعالى كما جاء في سورة المجادلة ” لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوداون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيديهم بروح منه ”
فإن إنضاف إلى جواره كونه من قرابتك أو ذا رحمك، فهذا حقه آكد، وكذا إن كان أحد أبويك ذميا، فإن للأبوين وللرحم حقا فوق حقوق الجوار، فأعط كل ذي حق حقه، وكذا رد السلام، فلا تبدأ أحدا من هؤلاء اليهود والنصارى بالسلام أصلا، وإذا سلَّم أحد منهم عليك، فقل وعليكم، أما كيف أصبحت؟ وكيف أمسيت؟ فهذا لا بأس به، وأن تقول بغير إسراف ولا مبالغة في الرد، حيث قال الله تعالى كما جاء في سورة المائدة ” فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة علي المؤمنين أعزة علي الكافرين ” فالمؤمن يتواضع للمؤمنين ويتذلل لهم، ويتعزز على الكافرين ولا يتضاءل لهم تعظيما لحُرمة الإسلام وإعزازا للدين، من غير أن يؤذيهم ولا يودهم كما يود المسلم.